غرائب وعجائب

تبرڭيڭ

معلومة تهمك

جمالك سيدتى

دولة لا نراها

دولة لا نراها

سليمان جودة - زاد العالم دولة، دون أن يدرى، وهى دولة من نوع فريد للغاية، كما سوف نرى حالاً، لا لشىء إلا لأنها ليست عضواً فى الأمم المتحدة، ولا فى أى من منظماتها العالمية.. ولكنها دولة فى كل الأحوال، بل إنها دولة هائلة، ويمكن تصنيفها الثالثة عالمياً بين دول الأرض دون منازع!

فالمعروف، إلى الآن، أن دول قارات الدنيا ١٩٣ دولة، وهى جميعاً أعضاء فى الأمم المتحدة، وفى منظماتها، إلا دولتنا الجديدة هذه التى لاتزال تستعصى على العضوية وشروطها!

والصين، كما هو معلوم، أعلى الدول سكاناً، ففيها مليار و٢٠٠ مليون بنى آدم، وربما يكونون قد تجاوزوا هذا العدد بعدة ملايين، فى لحظة كتابة هذه السطور، ولا أحد يعرف ما إذا كان هذا العدد المخيف، له علاقة مباشرة بأن يكون الاقتصاد الصينى هو الثانى بعد الاقتصاد الأمريكى، أم أن الحكاية فى الأساس لها علاقة أصيلة بالقدرة على الإنتاج قبل كل شىء، وإلا ما كان الأمريكان، الذين هم ربع الصينيين عدداً، يشكلون الاقتصاد رقم واحد بين دول العالم، دون منافس!

تأتى الهند، بعد الصين مباشرة، فى عدد سكانها، الذين تجاوزوا المليار، أو شارفوا عليه، وما بعد هاتين الدولتين، هناك مسافات طويلة تفصل بينهما وبين باقى الدول، إذا كان المقياس هو عدد البشر الذين يدبون على أرض كل دولة، وفى داخل حدودها. إذن.. أين الدولة الثالثة هذه، وما حكايتها، وكيف استطاعت فى غفلة من الجميع أن تقف خلف الصينيين والهنود، على نحو مباشر هكذا؟! وأين موقعها، وما حدودها، وما اسم عاصمتها، وإلى أى مدى يبلغ حجم اقتصادها، ومَنْ هو رئيسها، ومتى وكيف تشكلت حكومتها بعيداً عن الأعين، إذا كانت هى، كدولة، تكاد تكون نداً للصين، تارة، وللهند، تارة أخرى؟!

قبل أن يحتار دليلك، سوف أشير لك إلى «فيس بوك» الذى بلغ مرتادوه وزائروه، مع «تويتر» مليار شخص، فى آخر تعداد صدر قبل أيام، وكما ترى فهو دولة هائمة على وجه الأرض، إذا جاز التعبير، بمعنى أنها ليست دولة بالمعنى المفهوم أو التقليدى لمسمى الدولة، ولكنه، فى كل الأحوال، نوع من التجمع المتماسك، الذى يشكل كتلة واحدة، ولا ينقصه، لو أراد، إلا أن يعلن استقلاله، ثم يكون له علم يرفرف على مؤسساته ووزاراته، بما يميزه عن سائر الدول!

دولة فيس بوك، وتويتر، تمثل عالماً افتراضياً لا يتوقف عن الحركة ولا يكاد يهدأ له جفن، فضلاً عن أن ينام، فهو يموج بعنف على مدار اليوم بشتى التفاعلات، وتبدو تفاعلاته وكأنها أمواج فى بحر هائج، لا تكاد تعلو موجة حتى تأتى أخرى فتبتلعها! ولو أنك حاولت أن تتأمل ملامح هذه الدولة الجديدة، التى توالد سكانها بسرعة فائقة، خلال سنوات قليلة، حتى بلغوا هذا العدد، فسوف لا تفلح فى أن تقع لها على ملمح محدد، فهى دولة مراوغة جداً، ربما لأن سكانها موزعون على شتى أركان الأرض، دون حد هنا، أو حاجز هناك، يمكن أن يحصرهم فى مكان!

دولة مؤثرة للغاية، وتتكلم لغة واحدة، وهى لغة أصبحت الأحزاب تتقنها، ويمكن أن تحشد مؤيديها فى لحظات، من خلال هذه الشبكة العنكبوتية الممتدة بأذرعها فى كل اتجاه.. دولة بهذه الكيفية، وبهذه الصفات، ومع ذلك لا يمكن أن تراها!

المصدر: منقول للامانة من تأملات

مواضيع دات صلة وتهمك ايضا

;